كيف تحدث قشعريرة الجسم وماهي أسبابها؟
قشعريرة الجسم هي استجابة فيزيولوجية شائعة تحدث عند الإنسان وتسبب إحساسًا مميزًا من الرعشة أو البرودة على سطح الجلد. قد تظهر القشعريرة في أجزاء مختلفة من الجسم، وخاصةً في الجلد على طول الذراعين والظهر. هذه الظاهرة قد تحدث بشكل مفاجئ، وقد تكون مرتبطة بتجارب عاطفية أو فيزيائية معينة. على الرغم من أن القشعريرة قد تُعد ظاهرة طبيعية، إلا أن تفسيرها الكامل يتطلب فهمًا علميًا دقيقًا لآلية حدوثها والأسباب المختلفة التي يمكن أن تقف وراءها.
آلية حدوث القشعريرة
القشعريرة تنشأ في الأصل من رد فعل جسدي للعديد من المحفزات، سواء كانت نفسية أو بيولوجية. آلية حدوثها ترتبط بشكل رئيسي بتفاعل الجهاز العصبي مع الأعصاب في الجلد، وكذلك تفاعل الدماغ مع هذه الأعصاب. عندما يتعرض الجسم لمحفزات معينة، تبدأ الأعصاب في نقل إشارات إلى الدماغ، مما يؤدي إلى تحفيز الألياف العصبية التي تحكم العضلات الصغيرة حول بصيلات الشعر في الجلد. هذه الألياف العصبية تتسبب في انقباض هذه العضلات، مما يؤدي إلى ارتفاع الشعر أو ما يُسمى “القشعريرة”.
يشبه هذا الرد الفعل ما يحدث عند الحيوانات، حيث يساعد الشعر المنتصب على زيادة الطبقة العازلة من الهواء حول الجلد، مما يساهم في تدفئة الجسم. لكن في البشر، لا تعتبر القشعريرة فعّالة في الحفاظ على حرارة الجسم بنفس الدرجة التي كانت فيها فعّالة في الكائنات الأخرى.
الأسباب الفيزيولوجية للقشعريرة
-
البرودة الشديدة:
يُعد انخفاض درجة الحرارة أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث القشعريرة. عندما يتعرض الجسم لجو بارد، فإن الجسم يبدأ في تكوين هذه القشعريرة كرد فعل طبيعي من أجل الحفاظ على حرارته الداخلية. تحدث القشعريرة بسبب انقباض العضلات الصغيرة حول بصيلات الشعر، مما يولّد شعورًا بالدفء عن طريق تقليص المسافة بين الجلد والهواء المحيط به. -
العدوى والأمراض:
تعتبر الحمى والعدوى الفيروسية أو البكتيرية أحد الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى القشعريرة. في حالات الإصابة بالأنفلونزا أو نزلات البرد أو الالتهابات الشديدة، يقوم الجسم بزيادة درجة حرارته لمكافحة العدوى. عندما يبدأ الجسم في التسخين لمحاربة العدوى، قد تحدث القشعريرة كجزء من عملية الحمى. -
استجابة العواطف:
قد تحدث القشعريرة بسبب تأثيرات نفسية أو عاطفية. الشعور بالخوف، الفزع، الإثارة أو الحزن العميق يمكن أن يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي الذي بدوره يسبب القشعريرة. هذه الظاهرة تحدث نتيجة لإفراز الهرمونات مثل الأدرينالين التي تؤثر على الأعصاب والعضلات في الجلد، مما يؤدي إلى رفع الشعر على سطح الجسم. -
التهيج العصبي:
قد يحدث تفاعل قشعريرة الجسم أيضًا في حالات من التوتر العصبي أو الإثارة الزائدة. يرتبط هذا النوع من القشعريرة بتأثيرات نفسية قد تسبب اضطرابًا في النظام العصبي، مثل التعرض لمواقف مفاجئة أو محفزة. -
الأدوية والعلاج الكيميائي:
بعض الأدوية قد تؤدي إلى تأثيرات جانبية تشمل القشعريرة. من بين هذه الأدوية التي قد تسبب القشعريرة: الأدوية المسكنة للألم، الأدوية المضادة للفطريات، وأدوية علاج السرطان. كما يمكن لبعض الأدوية أن تثير ردود فعل غير معتادة من جهاز المناعة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة وحدوث القشعريرة.
الأسباب الهرمونية
-
الدورة الشهرية:
التغيرات الهرمونية خلال الدورة الشهرية للنساء قد تكون أيضًا سببًا في حدوث القشعريرة. في مرحلة ما قبل الحيض أو خلال الحيض، قد يتعرض الجسم لتقلبات هرمونية تؤدي إلى تأثيرات فيزيولوجية مثل القشعريرة، خاصة عندما يتأثر مستوى هرمون الإستروجين. -
المرحلة الهرمونية في الحمل:
النساء الحوامل قد يعانين من قشعريرة الجسم نتيجة للتغيرات الهرمونية الكبيرة خلال هذه الفترة. يمكن أن يسبب الحمل تقلبات في درجة حرارة الجسم أو في توزيع السوائل، مما قد يؤدي إلى هذه الظاهرة.
الأسباب العصبية والمزمنة
-
التلف العصبي:
يمكن لبعض الأمراض العصبية مثل التصلب المتعدد، داء باركنسون، أو الأمراض التنكسية الأخرى أن تؤثر في الأعصاب المسؤولة عن تحفيز القشعريرة. هذا النوع من القشعريرة قد يكون مستمرًا أو متقطعًا، وقد يكون مصحوبًا بأعراض أخرى مثل الشعور بالضعف أو التنميل. -
التفاعل بين الأعصاب والدماغ:
القشعريرة قد تحدث عندما يتفاعل الدماغ بشكل مفرط أو غير طبيعي مع الأعصاب، مما يؤدي إلى تنشيط هذه الأعصاب بشكل غير مناسب. وهذا يشمل حالات مثل الاضطرابات العصبية الذاتية أو اضطرابات الجهاز العصبي اللاإرادي.
القشعريرة والمشاعر العاطفية
-
الشعور بالمفاجأة:
تعرض الإنسان لمواقف مفاجئة، مثل رؤية شيء مثير أو سماع نبأ غير متوقع، قد يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي وظهور القشعريرة. هذه الظاهرة تُعد جزءًا من استجابة الجسم للمحفزات العاطفية. -
التأثر بالفن أو الموسيقى:
في بعض الحالات، يمكن أن تحدث القشعريرة بسبب تأثيرات موسيقية أو فنية. قد يشعر الشخص بالقشعريرة عند الاستماع إلى قطعة موسيقية معينة أو عند رؤية عمل فني يثير مشاعر عميقة داخله. يتسبب هذا في تنشيط مراكز دماغية متعلقة بالمشاعر، مما يؤدي إلى استجابة فيزيائية تتمثل في القشعريرة.
القشعريرة وتناول الطعام
في بعض الأحيان، قد تحدث القشعريرة بعد تناول أطعمة معينة، خاصة تلك التي تحتوي على مستويات عالية من الكافيين أو التوابل. الكافيين، على سبيل المثال، يُعتبر محفزًا للجهاز العصبي ويمكن أن يؤدي إلى شعور القشعريرة بعد استهلاكه.
الظروف البيئية والطقس
إن تأثير الطقس على القشعريرة غير قابل للتجاهل. عندما يتعرض الإنسان لدرجات حرارة منخفضة لفترة طويلة، يتفاعل الجسم بطريقة وقائية لضبط درجة الحرارة الداخلية. زيادة تدفق الدم إلى الأجزاء الخارجية للجسم، مثل الأطراف، يعزز من القدرة على مقاومة البرودة.
علاج القشعريرة
عادةً ما تكون القشعريرة رد فعل طبيعي وغير مضر، لكن في الحالات التي تكون فيها القشعريرة متكررة أو مرتبطة بأعراض مرضية أخرى، يمكن أن يكون من الضروري زيارة الطبيب. العلاج يعتمد على السبب الكامن وراء حدوث القشعريرة. على سبيل المثال، في حالة الحمى الناجمة عن عدوى، قد يتطلب العلاج تناول أدوية مضادة للبكتيريا أو الفيروسات.
إذا كانت القشعريرة ناتجة عن تعرض الجسم للبرد، فإن ارتداء ملابس دافئة، تناول مشروبات ساخنة، أو البقاء في مكان دافئ يعد من الحلول الفعّالة.
خلاصة
قشعريرة الجسم هي استجابة معقدة تحكمها تفاعلات فيزيائية وعصبية معقدة. من خلال فهم الأسباب المحتملة لهذه الظاهرة، سواء كانت بيئية أو عاطفية أو صحية، يمكن للفرد أن يتعامل بشكل أفضل مع هذه الحالة، ويقلل من تأثيراتها إذا كانت مزعجة أو غير مريحة.
